أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ


الإِمَامُ، المُجَاهِدُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُبَيْدِ بنِ الأَبْجَرِ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.

وَأَخُو أَبِي سَعِيْدٍ لأُمِّهِ هُوَ: قَتَادَةُ بنُ النُّعْمَانِ الظَّفَرِيُّ، أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ.

اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَالِكٌ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَنْدَقَ، وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. وشهد معَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اثْنَى عَشْرَة غَزوة.

وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْثَرَ، وَأَطَابَ، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَطَائِفَةٍ.

وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِيْنَ.

حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَاقِرُ، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.

وَرَوَى: حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ:

أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَحْدَاثِ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.

وَقَدْ رَوَى: بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ فِي (مُسْنَدِهِ الكَبِيْرِ) لأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ بِالمُكَرَّرِ أَلْفَ حَدِيْثٍ وَمائَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثًا.

ومنهم َفِي (البُخَارِيِّ) وَ(مُسْلِمٍ): ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ. وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثًا، وَمُسْلِمٌ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.

بعض مروياته عن النبي:

عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قال:

"جَلَسْتُ في عِصَابَةٍ مِنْ ضُعَفَاءِ المهَاجِرِينَ وَإنّ بَعْضَهُمْ لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنَ الْعُرْيّ، وَقَارِىءٌ يَقْرَأُ عَلَيْنَا إذْ جَاءَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَيْنَا، فَلمّا قَامَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلم سَكَتَ الْقَارىءُ فَسَلّمَ ثُمّ قال ما كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْنَا: يَا رَسُول الله إنّهُ كَانَ قَارِىءٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا فَكُنّا نَسْتَمِعُ إلَى كِتَابِ الله تَعَالَى، فقالَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: الْحَمدُ لله الّذِي جَعَلَ مِنْ أُمّتِي مَنْ أُمِرْتُ أنْ أصْبِرَ نَفْسِيَ (أي أحبسها) مَعَهُمْ. فَجَلَسَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلم وَسْطَنَا لِيَعْدِلَ بِنَفْسِهِ فِينَا، ثُمّ قال بِيَدِهِ هَكَذَا، فَتَحَلّقُوا وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ لَهُ. قال: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلَّى الله عليه وسلم عَرَفَ مِنْهُمْ أحَدًا غَيْرِي، فقالَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: أبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ (فقراء) المُهَاجِرِينَ بالنّورِ التّامّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنّةَ قَبْلَ أغْنِيَاءِ النّاسِ بِنِصْفِ يَوْمِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةِ". رواه أبو داود.

وفي رواية (لِيُبَشَّرَ فُقَرَاءُ المُؤْمِنِيْنَ بِالفَوْزِ يَوْمَ القِيَامَةِ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِمِقْدَارِ خَمْسِمائَةِ عَامٍ، هَؤُلاَءِ فِي الجَنَّةِ يُنَعَّمُوْنَ، وَهَؤُلاَءِ يُحَاسَبُوْنَ). رواه أبو نُعَيْم في الحِلية، وحَسَّنه السيوطي

وروى ابن ماجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُوعَكُ. فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ. فَوَجَدْتُ حَرَّةُ بَيْنَ يَدَيَّ، فَوْقَ اللِّحَافِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَاَشَدَّهَا عَلَيْكَ! قَالَ:

(إِنَّا كَذلِكَ. يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلاَءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الأَجْرُ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَء: قَالَ (الأَنِبَياءُ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ (ثُمَّ الصَّالِحُونَ. إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ. حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلاَّ الْعَبَاءَة يُحَوِّيِهَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدْكُمْ بِالرَّخَاءِ). قال الحافظ البوصيري: إسناده صحيح. رجاله ثقات.

[(وهو يوعك) الوعْك الحمّى وقيل: ألمها. (يحوّيها) في النهاية: التحوية أن يدير كساء حول سنام لبعير ثم يركبه.] من مواعظه: قَالَ أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلاَوَةِ القُرْآنِ، وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلاَّ فِي حَقٍّ، فَإِنَّكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ. اهـ

وفاته:

قَالَ الوَاقِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ. وقيل: قبلها بعشر سنين، والله أعلم.

اختر لغتك