رَابِعَةُ العَدَوِيَّةُ، أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ إِسْمَاعِيْلَ العَتَكِيَّةُ
البِصْرِيَّةُ، الزَّاهِدَةُ، العَابِدَةُ، الخَاشعَةُ، أُمُّ عَمْرٍو رَابِعَةُ بِنْتُ إِسْمَاعِيْلَ، وَلاَؤُهَا لِلْعَتَكِيِّينَ.
وقد ورد عن ترجمتها في طبقات الأولياء: رابعة العدوية، أم الخير، بنت إسماعيل البصرية، مولاة آل عتيك، الصالحة المستورة، من أعيان عصرها، فضلها مشهور.اهـ
قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: سَمِعَتْ رَابِعَةُ صَالِـحًا الـمـُرِّيَّ يَذْكُرُ الدُّنْيَا فِي قَصَصِهِ، فَنَادَتْهُ: يَا صَالِحُ، مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا، أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ.
زهدها وتعلق قلبها بالآخرة
ورد في وفيات الأعيان: كان أبو سليمان الهاشمي له بالبصرة كل يوم غلة ثمانين ألف درهم، فبعث إلى علماء البصرة، يستشيرهم في امرأة يتزوجها فأجمعوا على رابعة العدوية فكتب إليها:
أما بعد فإن ملكي من غلة الدنيا في كل يوم ثمانون ألف درهم وليس يمضي إلا قليل حتى أتمها مائة ألف إن شاء الله، وأنا أخطبك نفسك، وقد بذلت لك من الصداق مائة ألف، وأنا مصير إليك من بعد أمثالها، فأجيبيني، فكتبت إليه: أما بعد فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها تورث الهم والحزن، فإذا أتاك كتابي فهيء زادك وقدم لمعادك، وكن وصي نفسك ولا تجعل وصيتك إلى غيرك، وصم دهرك واجعل الموت فطرك، فما يسرني أن الله خولني أضعاف ما خولك فيشغلني بك عنه طرفة عين والسلام.
وقالت امرأة لرابعة: إني أحبك في الله، فقالت لها: أطيعي من أحببتني له.
وعن ابْن أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَتْ عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةَ، قَالَتْ:كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُوْلُ:
يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِيْنَ، وَإِلَى كَمْ تَقُوْمِيْنَ، يُوْشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لاَ تَقُوْمِيْنَ مِنْهَا إِلاَّ لِيَوْمِ النُّشُورِ.
وقد ورد في صفة الصفوة عن ورعها وخشيتها:
قال عبد الله بن عيسى: دخلت على رابعة العدوية بيتها فرأيت على وجهها النور، وكانت كثيرة البكاء، فقرأ رجل عندها آية من القرآن فيها ذكر النار، فصاحت ثم سقطت.
ودخلت عليها وهي جالسة على قطعة بوري خَلِقٍ، فتكلم رجل عندها بشيء، فجعلت أسمع وقع دموعها على البوري مثل الوكف، ثم اضطربت وصاحت فقمنا وخرجنا. (البَارِيَاءُ والبُورِياءُ بالمد الحصير من القصب وقال الأصمعي البورياء بالفارسية وهو بالعربية بَارِيٌّ وبُورِيٌّ وبَارِيَّةٌ بتشديد الياء في الكل)
قال لها رجل: ادعى، فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله، أطع ربك وادعه فإنه يجيب المضطرين.
قال سجف بن منظور: دخلت على رابعة وهى ساجدة فلما أحست بمكانى رفعت رأسها فإذا موضع سجودها كهيئة الماء المستنقع من دموعها، فسلمت، فأقبلت علي، فقالت يا بنى: ألك حاجة؟ فقلت: جئت لأسلم عليك، قال: فبكت، وقالت: سِترك اللهم سِترك، ودعت بدعوات ثم قامت إلى الصلاة وانصرفت.
وفاتها
توفيت بالقدس الشريف وقبرها شرقيه بالطور. عَاشَتْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، وتُوُفِّيَتْ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.