دليل جواز التبرك بفضل وضوء رسول الله


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه، أما بعد

فمن جملة ما استدل به أهل الحق على جواز التبرك بفضل وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه:

عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِى قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَبْتَدِرُونَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحبه.

قال الحافظ ابن حجر عند شرحه هذا الحديث:

إن الوَضوء الذى ابتَدَره الناسُ كان فَضْل الماء الذى تَوضّأ به النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وفيه كذلك قال الحافظ:

وفي الحديث منَ الفوائد التِماس البَركة مما لامَسه الصّالحون.

ودليلُ التبرك برسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب المناقب في صحيح البخاري كذلك:

حَدَّثنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْن وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِىَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند هذا الحديث: وفي حديث جابر بن سمرة عند مسلم في أثناء حديث قال: " فمسح صدري فوجدت ليده بردا – أو ريحا – كأنما أخرجها من جونة عطار " وفي حديث وائل بن حجر عند الطبراني والبيهقي " لقد كنت أصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم – أو يمس جلدي جلده – فأتعرفه بعد في يدي وإنه لأطيب رائحة من المسك " وفي حديثه عند أحمد " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب منه ثم مج في الدلو ثم في البئر ففاح منه مثل ريح المسك " وروى مسلم حديث أنس في جمع أم سليم عرقه صلى الله عليه وسلم وجعلها إياه في الطيب، وفي بعض طرقه " وهو أطيب الطيب". وأخرج أبو يعلى والطبراني من حديث أبي هريرة في قصة الذي استعان به صلى الله عليه وسلم على تجهيز ابنته " فلم يكن عنده شيء، فاستدعى بقارورة فسلت له فيها من عرقه وقال له: مرها فلتطيب به، فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة رائحة ذلك الطيب فسموا بيت المطيبين " وروى أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح عن أنس " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك، فيقال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ

وفي مرقاة المفاتيح

(وعن أبي حجيفة ) هو وهبِ بن عبد الله السُّوائي بضم السين والمد ( قال رأيت رسول الله بمكةَ وهو بالأبطح ) بفتح الهمزة محل أَعلى مِن المعلى إلى جهة مِنى وهو في اللغة مَسِيل واسعٌ فيه دقاق الحصا والبطيحة والبطحاء مِثله صار عَلمًا للمسيل الذي ينتهي إليه السّيل من وادي منى وهو الموضع الذي يسمى محصبًا أيضًا ( في قُبة حمراء مِن أَدَم ) بفتحتين جمع أديم أي جِلد ( ورأيت بلالاً أخَذَ وَضُوء رسول الله ) بفتح الواو بقية الماء الذي توضأ به رسول الله أو ما فضل مِن أعضائه في الوضوء ( ورأيتُ الناس يَبتدرون ( أي يتَسابقون ) ذلك الوضوء ) أي إلى أخذِ ماءِ وضوئه ( فمن أصابَ ) أي أخَذ ( منه ) أي من بلال ( شيئًا) من الماء أو صادَف ووَجد من ذلك الماء شيئًا قليلاً وقَدرًا يَسيرًا ( تمسّح به ) أي مسَح به وجهه وأعضاءه لينال برَكته عليه السلام ( ومن لم يُصِب منه) أي من بَلل يدِ بلال (أخَذ مِن بَلل يدِ صَاحبِه). اهـ

اختر لغتك